حان لهذا القلب أن ينسحب – احلام مستغانمي
أخذنا موعداًفي حيّ نتعرّف عليه لأوّل مرّةجلسنا حول طاولة مستطيلةلأوّل مرّةألقينا نظرة على قائمة الأطباقونظرة على قائمة المشروباتودون أن نُلقي نظرة على بعضناطلبنا بدل الشاي شيئاً من النسيانوكطبق أساسي كثيراً من الكذب.…وضعنا قليلاً من الثلج في كأس حُبناوضعنا قليلاً من التهذيب في كلماتناوضعنا جنوننا في جيوبناوشوقنا في حقيبة يدنالبسنا البدلة التي ليست لها ذكرىوعلّقنا الماضي مع معطفنا على المشجبفمرَّ الحبُّ بمحاذاتنا من دون أن يتعرّف علينا…
تحدثنا في الأشياء التي لا تعنينا
تحدّثنا كثيراً في كل شيء وفي اللاّشيء
تناقشنا في السياسة والأدب
وفي الحرّية والدِّين.. وفي الأنظمة العربيّة
اختلفنا في أُمور لا تعنينا
ثمّ اتفقنا على أمور لا تعنينا
فهل كان مهماً أن نتفق على كلِّ شيء
نحنُ الذين لم نتناقش قبل اليوم في شيء
يوم كان الحبُّ مَذهَبَنَا الوحيد الْمُشترك؟
…
اختلفنا بتطرُّف
لنُثبت أننا لم نعد نسخة طبق الأصل
عن بعضنا
تناقشنا بصوتٍ عالٍ
حتى نُغطِّي على صمت قلبنا
الذي عوّدناه على الهَمْس
نظرنا إلى ساعتنا كثيراً
نسينا أنْ ننظر إلى بعضنا بعض الشيء
اعتذرنـــــا
لأننا أخذنا من وقت بعضنا الكثير
ثـمَّ عُدنــا وجاملنا بعضنا البعض
بوقت إضافيٍّ للكذب.
…
لم نعد واحداً.. صرنا اثنين
على طرف طاولة مستطيلة كنّا مُتقابلين
عندما استدار الجرح
أصبحنا نتجنّب الطاولات المستديرة.
“الحبُّ أن يتجاور اثنان لينظرا في الاتجاه نفسه
.. لا أن يتقابلا لينظرا إلى بعضها البعض”
…
تسرد عليّ همومك الواحد تلو الآخرأفهم أنني ما عدتُ همّك الأوّلأُحدّثك عن مشاريعيتفهم أنّك غادرت مُفكّرتيتقول إنك ذهبت إلى ذلك المطعم الذي..لا أسألك مع مَنأقول إنني سأُسافر قريباًلا تسألني إلى أين…فليكـــن..كان الحبّ غائباً عن عشائنا الأخيرنــــاب عنــه الكـــذبتحوّل إلى نــادل يُلبِّي طلباتنا على عَجَلكي نُغادر المكان بعطب أقلفي ذلك المساءكانت وجبة الحبّ باردة مثل حسائنامالحة كمذاق دمعناوالذكرى كانت مشروباً مُحرّماًنرتشفه بين الحين والآخر.. خطأً…عندما تُرفع طاولة الحبّكم يبدو الجلوس أمامها أمراً سخيفاًوكم يبدو العشّاق أغبياءفلِمَ البقاءكثير علينا كل هذا الكَذبارفع طاولتك أيّها الحبّ حان لهذا القلب أن ينسحب